تعريف الإرادة هو تخصيص الممكن ببعض ما يجوز عليه.
وفى الإرادة مذهبان :
1 الإرادة الحادثة , وهو مذهب المعتزلة.
2 الإرادة القديمة , وهو مذهب الأشاعرة.
بالنسبة للإرادة القديمة :
1 إذا كان التخصيص قديم , فمن ضمن التخصيص هو تخصيص زمن وقوع الممكن.
ولكن تخصيص الزمان لا يخرج عن إحتمالين , إما أنه زمان معين , وإما أنه زمان مقدر.
فالزمان المعين مثل أن يخصص الله قوع الإنفجار العظيم فى الزمن t = δ ويخصص تكون الأرض فى الزمن t = λ.
ولكن هذا التخصيص مستحيل , حيث أنه يعنى وجود ما لا نهاية له من الأزمنة بحيث يخصص كل حدث بزمن معين.
والزمان المقدر مثل أن يخصص الله تكون الأرض بعد الإنفجار العظيم بزمن قدره t = δ , ويخصص وجود الحياة على الأرض بعد الإنفجار العظيم بزمن قدره t = λ , أو بعد تكون الأرض بزمن قدره t = ζ , فيقدر زمن وقوع كل حدث بالنسبة لحدث آخر.
فهنا إما أن كل حدث زمن وقوعه مقدر لحدث آخر , فيكون التخصيص مستحيل للزوم الدور فى أحد التقديرات , فإن تم تقدير زمن كتابتى بالنسبة لميلادى , وزمن ميلادى بالنسبة لتكون الأرض , وزمن تكون الأرض بالنسبة للإنفجار العظيم , وزمن الإنفجار العظيم بالنسبة لأول حدث , فكيف خصص زمن وقوع أول حدث ؟ هل لحدث يسبقه ؟ لا يوجد ما يسبقه , هل لحدث بعده ؟ يلزم الدور فيكون هناك حدثين كلاهما مقدر بالنسبة للثانى فلا يحدث شيئاً أصلاً.
وايضاً نفس الأمر إن تم إتخاذ حدث بعينه كمرجع لبقية الأحداث , فكيف يتم تخصيص زمن وقوعه هو ؟؟؟ لا يمكن.
إذاً التخصيص المبنى على الزمن المقدر باطل كما هو الحال فى الزمن المعين , وبالتالى يبطل التخصيص القديم.
2 ما الفرق بين المخصِص القديم , وبين آلة قديمة مكتوب بها برنامج كمبيوتر يخصص زمن العمليات التى ستجريها الآلة منذ الازل ؟؟؟
لا فرق , فهنا الآلة تفعل حين يحين الموعد المكتوب فى البرنامج , والإله الذى يفعل حين يحين الموعد الذى تم تخصيصه منذ القدم.
البرنامج المكتوب فى الآلة قديم , والتخصيص قديم.
إذاً لماذا نقول أن الله حي مريد ونحن لا نستطيع التفرقة بينه وبين آلة قديمة إن صح التخصيص القديم ؟؟؟
3 التخصيص هو فعل , فهل يصح الفعل القديم ؟؟؟
4 الحادث لا يحدث إلا إذا حدثت علة تتسبب فى وجوده , أو يتجدد ويحدث شرط لوجوده , فما دام الحادث قد حدث فهناك إما علة حدثت أو شرط تجدد , فالسؤال الآن عن أول حادث.
بما أن هذا الحادث هو أول حادث , ولا حدث قبله , فأمامنا الآن ( إرادة قديمة ) و ( ممكن حادث ) , فما الذى تجدد أو حدث ليتسبب فى حدوث هذا الحادث ؟
هل حدث زمان الوقوع الذى تم تخصيصه من قبل الإرادة القديمة ؟ لا يوجد زمان , إذاً ما الشرط الذى تجدد أو العلة التى حدثت ؟ لا يمكن أن يخرج عن الإرادة , فالإرادة هى اول حادث بلا شك.
يكفى هذه الإعتراضات اليوم.
بالنسبة للإرادة الحادثة , فهى ما أقول به , ولكن الا يعتبر هذا خرقاً للبديهة العقلية ( بطلان الترجح من غير مرجح ) ؟؟؟
ولكن ما الفرق اصلاً بين الجماد وبين المريد ؟؟؟
الجماد مثل الروبوت يفعل لعلة , والمريد تقولون يجب أن يفعل لعلة , فما الفرق ؟ وما معنى الإرادة إذاً ؟؟؟
إن كان الفاعل يجب أن يفعل لعلة , فلا فرق بين أى شئ , لا فرق بينى وبين الحجر وبين أى شئ ينسب له الحياة والإرادة إن كان يفعل لعلة , فلم خصصنا بعض الأشياء بإسم المريد , وحرمنا البقية من هذا الإسم ؟ والا يكون ذلك عبث لا معنى له , فيكون لا معنى للحياة ولا للإرادة , وتكون مجرد ألفاظ لا معنى وراءها ؟؟؟
إن الإرادة لا يمكن البرهنة عليها , ولكن يمكن تقليل الخوف من القول بأن الإرادة الحادثة تخرم مبدأ بطلان الترجح من غير مرجح , فعند النظر إلى العلم أو الإدراك , ستجد أنه معنى مختلف تماماً عن المعانى المادية المجردة , لا يمكن البرهنة عليها , ولكن بكثرة التفكير ستدرك أن هناك معنى لا مادى موجود هو إدراكك لذاتك والأشياء.
ستدرك أنك تعلم بمعنى يخالف تخزين المعلومات فى الكمبيوتر , فعلمك ليس مجرد صفر وواحد على صورة 1001101101 , بل هو معنى وجودى يغاير ما تعرفه فى الحياة , كذلك الوجود والحياة كلها معانى غير مألوفة ولا يمكن تعريفها ولا يمكن البرهنة عليها , وإنما أنت تدركها بإستمرار التفكير.
كذلك الحال بالنسبة للإرادة , فهى معنى وجودى وظيفته هو التخصيص الحادث غير المعلل بعلة.
بصراحة انا محتار بشأن هذا الأمر , لكن ما العمل ؟؟؟